حلا
قلم ذهبي
- التسجيل
- 19 أكتوبر 2004
- المشاركات
- 9,338
- الإعجابات
- 0
[align=right]
أقشعرّ بدني وتبللت ملابسي من العرق الذي أفرزته خلايا جسمي، ليس بسبب ارتفاع درجة حرارة الصيف في مدينة عدن الجميلة، ولكن من الصدمة الأولى التي صُعقتُ بها عند قراءتي المادة (34) من مشروع قانون الوظائف والأجور والمرتبات، التي نصت على «تصنف وظيفة عضو مجلس النواب بمستوى عضو مجلس الوزراء، ويمنح عضو مجلس النواب بعد انتهاء عضويته بالمجلس راتب وبدلات ومزايا الوزير الذي ترك الوزارة، وتصرف هذه المستحقات ابتداءً من الشهر التالي لنهاية عضويته»، ودارت في ذاكرتي عدة استفسارات كمواطن له اهتمامات بالشأن الاقتصادي في بلده، ومن تلك الاستفسارات هل سيسري مفعول هذه المادة بأثر رجعي على أعضاء مجلس النواب كافة منذ قيام الوحدة وحتى يومنا هذا؟.. وكم سيكون مجموعهم؟ وماذا سيترتب على ذلك؟
وواجهتني الصدمة الثانية عند قراءتي رأي لجنة القوى العاملة والشؤون الاجتماعية في تقريرها المقدم إلى مجلس النواب بشأن مشروعي الاستراتيجية وقانون نظام الوظائف والأجور والمرتبات، والذي يتلخص في توصيتين: أولاهما الطلب من مجلس النواب الموافقة على مشروع القانون، وثانيتهما إلزام الحكومة بإعادة صياغة الاستراتيجية وباعتبارها جزءاً من القانون.
وفي رأينا المتواضع، ما دامت الاستراتيجية اعتبرت جزءاً من القانون، فإن نصها الكامل بعد إعادة صياغته يفترض أن يعرض على مجلس النواب كونه الجهة الوحيدة المشرعة للقوانين، ولا يجوز أن تُعاد صياغة نص الاستراتيجية من قبل الحكومة والعمل به مباشرة دون اطلاع المجلس وموافقته المسبقة عليه، فذلك يعتبر تجاوزاً دستورياً.
أما الصدمة الثالثة فتتمثل فيما طرحه مشروع القانون بشأن المتقاعدين، واقتصار زيادة المعاشات التقاعدية على من هم دون مستوى الحد الأدنى للأجور فقط، أما المتقاعدون الذين تزيد معاشاتهم عن الحد الأدنى للأجور فتجرى دراسة أوضاعهم خلال فترة تنفيذ الاستراتيجية، التي مدتها ست سنوات. وملاحظتنا حول هذا الموضوع أن المعاشات دون الحد الأدنى للأجور غير متساوية، وعليه ستكون الزيادات المبنية على هذا الأساس متباينة وغير متناسبة وغير عادلة، فلو افترضنا مثلاً أن الحد الأدنى للأجور كان 15000 ريال، ولدينا ثلاثة متقاعدين معاشاتهم الحالية 8000 ريال و10000 ريال و14000 ريال على التوالي، فسيصبح معاش كل واحد من الثلاثة 15000 ريال، وهذا ليس من العدل، فالأول حصل على زيادة 7000 ريال، والثاني حصل على زيادة 5000 ريال، بينما الثالث حصل على زيادة 1000 ريال فقط، الأمر الذي يجعلنا نستنتج أن طريقة النسب ربما تكون أكثر فائدة وأقل ضرراً.
ثم لماذا تؤجل زيادة معاشات المتقاعدين لمن هم فوق الحد الأدنى للأجور؟ ألا يعتبر هذا ظلماً فادحاً؟
والخلاصة: إن زيادة عدد الوزراء أو من في درجة الوزراء ليست من أولويات التنمية الوطنية ولا أحد مؤشراتها، ولا تتماشى مع برنامج الإصلاح المطروح بل تتناقض معه، وليس هذا وقتها، وننصح أن يتم الاهتمام والتركيز على القضايا المهمة وذات الأولوية، التي تعنى بحياة الناس وتحسين مستوى معيشتهم، لأن إهمال تلك القضايا سوف يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.
نقلا عن جريدة الايام بتاريخ 24,6,2005
الكاتب محمد عبدالله باشراحيل
رئيس قسم الإحصاءات الاقتصادية
وكبير خبراء سابق في منظمة الأسكوا - الأمم المتحدة
أقشعرّ بدني وتبللت ملابسي من العرق الذي أفرزته خلايا جسمي، ليس بسبب ارتفاع درجة حرارة الصيف في مدينة عدن الجميلة، ولكن من الصدمة الأولى التي صُعقتُ بها عند قراءتي المادة (34) من مشروع قانون الوظائف والأجور والمرتبات، التي نصت على «تصنف وظيفة عضو مجلس النواب بمستوى عضو مجلس الوزراء، ويمنح عضو مجلس النواب بعد انتهاء عضويته بالمجلس راتب وبدلات ومزايا الوزير الذي ترك الوزارة، وتصرف هذه المستحقات ابتداءً من الشهر التالي لنهاية عضويته»، ودارت في ذاكرتي عدة استفسارات كمواطن له اهتمامات بالشأن الاقتصادي في بلده، ومن تلك الاستفسارات هل سيسري مفعول هذه المادة بأثر رجعي على أعضاء مجلس النواب كافة منذ قيام الوحدة وحتى يومنا هذا؟.. وكم سيكون مجموعهم؟ وماذا سيترتب على ذلك؟
وواجهتني الصدمة الثانية عند قراءتي رأي لجنة القوى العاملة والشؤون الاجتماعية في تقريرها المقدم إلى مجلس النواب بشأن مشروعي الاستراتيجية وقانون نظام الوظائف والأجور والمرتبات، والذي يتلخص في توصيتين: أولاهما الطلب من مجلس النواب الموافقة على مشروع القانون، وثانيتهما إلزام الحكومة بإعادة صياغة الاستراتيجية وباعتبارها جزءاً من القانون.
وفي رأينا المتواضع، ما دامت الاستراتيجية اعتبرت جزءاً من القانون، فإن نصها الكامل بعد إعادة صياغته يفترض أن يعرض على مجلس النواب كونه الجهة الوحيدة المشرعة للقوانين، ولا يجوز أن تُعاد صياغة نص الاستراتيجية من قبل الحكومة والعمل به مباشرة دون اطلاع المجلس وموافقته المسبقة عليه، فذلك يعتبر تجاوزاً دستورياً.
أما الصدمة الثالثة فتتمثل فيما طرحه مشروع القانون بشأن المتقاعدين، واقتصار زيادة المعاشات التقاعدية على من هم دون مستوى الحد الأدنى للأجور فقط، أما المتقاعدون الذين تزيد معاشاتهم عن الحد الأدنى للأجور فتجرى دراسة أوضاعهم خلال فترة تنفيذ الاستراتيجية، التي مدتها ست سنوات. وملاحظتنا حول هذا الموضوع أن المعاشات دون الحد الأدنى للأجور غير متساوية، وعليه ستكون الزيادات المبنية على هذا الأساس متباينة وغير متناسبة وغير عادلة، فلو افترضنا مثلاً أن الحد الأدنى للأجور كان 15000 ريال، ولدينا ثلاثة متقاعدين معاشاتهم الحالية 8000 ريال و10000 ريال و14000 ريال على التوالي، فسيصبح معاش كل واحد من الثلاثة 15000 ريال، وهذا ليس من العدل، فالأول حصل على زيادة 7000 ريال، والثاني حصل على زيادة 5000 ريال، بينما الثالث حصل على زيادة 1000 ريال فقط، الأمر الذي يجعلنا نستنتج أن طريقة النسب ربما تكون أكثر فائدة وأقل ضرراً.
ثم لماذا تؤجل زيادة معاشات المتقاعدين لمن هم فوق الحد الأدنى للأجور؟ ألا يعتبر هذا ظلماً فادحاً؟
والخلاصة: إن زيادة عدد الوزراء أو من في درجة الوزراء ليست من أولويات التنمية الوطنية ولا أحد مؤشراتها، ولا تتماشى مع برنامج الإصلاح المطروح بل تتناقض معه، وليس هذا وقتها، وننصح أن يتم الاهتمام والتركيز على القضايا المهمة وذات الأولوية، التي تعنى بحياة الناس وتحسين مستوى معيشتهم، لأن إهمال تلك القضايا سوف يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.
نقلا عن جريدة الايام بتاريخ 24,6,2005
الكاتب محمد عبدالله باشراحيل
رئيس قسم الإحصاءات الاقتصادية
وكبير خبراء سابق في منظمة الأسكوا - الأمم المتحدة