مروان الغفوري
شاعر وكاتب
- التسجيل
- 13 يناير 2004
- المشاركات
- 752
- الإعجابات
- 0
[align=justify]
هذا ما حدث البارحة بالفعل ... 19 / 6 /2005 م
قالت لي شيماء - طبيبة الامتياز في مستشفى عين شمس التعليمي : رأيت البارحة ظهراً ( 19 / 6/ 2005 ) نائب مدير مستشفى النساء و هو يخرج مندفعاً بجسمه كلّه من مبنى الطب الشرعي . بدا أغبرَ كما لو أنّه قد تلقّى للتو نبأ اختصار عمره لضرورةٍ ما .. كان يمشي على قدمِيه ، تصوّر يا مروان .. لم أرَ شيئاً أغرب من صوت الدكتور مراد ، و هو يحاول أن يحاذيه في السير : علينا أن نتخلّص من ضياء بأقل خسائر ممكنة للمستشفى ، إذا شئتم !
صمتت شيماء قليلاً ، ربّما كانت تنتظر تعليقاً ما منّي ، ثم استطردت : في الصباح أيضاً ، و قبل أن أرى الرجلين يغادران مبنى الطب الشرعي بست ساعات تسرّبت بهدوء إلى عنبر الوحدة الخامسة في مستشفى النساء ، أعني " مسرح الجريمة ، كما تعلم " فسمعتُ صوت الدكتور حاتم يزلزلُ غرفة الحكيمات : هل أصبح من واجبنا أيضاً أن نزيل الخراء الذي يتركه النوّاب في المستشفى بأفعالهم المشينة !
.. تفاعلتُ مع رواية شيماء بمللٍ ، فقد سمعتُ تفاصيل قاسيةً منذ الصباح و لم يعد هذا الوصف الدرامي يثير انتباهي . قلتُ لها - عندما سألتني بفضولها النسوي : هل أدخلها الدكتور ضياء إلى غرفة الفحص و شرع في اغتصابها بعد أن أعطاها المخدّر ، أم أعطاها المخدّر في غرفة المرضى ثم سحبها إلى غرفة الفحص الخاصة و هي فاقدة الوعي ؟ - :
" يا شيماء ، الأمر غير مسلٍّ البتّة ، و التصوير السينمائي غير وارد أخلاقيّاً في الوقت الراهن .. أمامنا مريضة انتهك حياؤها و شرفُها حيثُ ينبغي أن تكون آمنة ، و إدارة تتستر على الجريمة " ..
في الواقع لستُ متأكّداً ما إذا كان اسم الطبيبة " شيماء " أم لا ، فكل ما في أمر اسمها أنّي سمعتُ زميلي يخاطبها به .. كانت جاءت لتأخذ منه بعض المعلومات المثيرة ، فوجدتْ عندي ، ربّما ، ما يشبع نهمها للنميمة و ممارسة طقس الأنثى العاثر !
كما لا أدري ، حقّاً ، ما إذا كانت تخاطبني باسمي أم هكذا خيّل لي ..
كنتُ آكداً تماماً أن هذا اليوم غير اعتيادي ، و غير نظيف .. ليس لأنّه خليفةٌ غير شريف للتاسع عشر من يونيو - الذكرى الأولى لمهاجمة قواتنا المسلحة في اليمن لجموع من المواطنين ما زالوا منذئذٍ تحت وطأة النار و الحديد ، بحجّة واهية - بل لأنّي ، شخصيّاً ، لم أكُن أتوقّع أن أباشر وجوه الخلق بوجهٍ مفحّم تماماً ، بفعل الغربة و مذكرات الموتى التي تملأُ أصابعي ..
في تمام الساعة التاسعة صباحاً ، استشرفت حديقة الكلية من بلكونة المستشفى حيثُ أعمل بشكل يوميٍّ قارِس . كان صوت طبيبة الوحدة الخامسة " دعاء " - و هي تتحدثُ عبر تلفونها الجوّال - مسموعاً على نحوٍ مقصود . التفاتتها المتكررة إلى مكاني أوعزت لي بأشياء كثيرة ، ربما كانت تريدني أن ألتقط بعض الحقائق من كلامها عبر التلفون .. لا ، أكثر من ذلك ، لقد بدت كما لو أنّها كانت توجّه حديثها لي بشكل حصري ، و أنه ليس ثمّة أحد على الطرف الآخر في التلفون ..
غريب !
كنتُ أسمعها تقول : لا .. لم يكن ممكناً أن استدعي البوليس . العنبر شحِن فجأة بالزوّار المسؤولين . كنتُ مرتبكة ، لم يكن بإمكاني أن أتّهم " ضياء " أو حتّى أن أشك في لحظةٍ ما أنّ بإمكانه أن يفعل شيئاً مشيناً كهذا ، أبداً ..
بعد دقائق كانت تقترب مني ، و هي تائهة المعالم بشكل واضحٍ جدّاً .
- أرأيت يا مروان .. خطيبي يخيّرني " إمّا أنا ، أو البقاء في مستشفى النساء " .. قالتها بحركة تمثيلية صرفة ، لكنها كانت حركة دامعة .. غزيرة الوجع ، يالله ..,
- ما الأمر ؟
- ألم تعرِف ؟
- لا قطعاً ..
- أنت تمزحُ ؟
- و الله لا أعرِف شيئاً ، لكني رأيت الكثيرين منذ وصولي - منذ نصف ساعة تقريباً - منهمكين في أحاديث ثنائية لافتة ، كما لو كنّا على وشك الدخول في مسابقة شطرنج !
- هل يُعقل أن تكون آخر من يعرف ، و أنت الطبيب الصحفي ؟
- لستُ صحفيّاً ، صدّقيني .. المهم الآن ، حدّثيني بربّك ، ماذا هناك ؟
- العيّنة التي وجدت على سرير المريضة " إيمان " في غرفة الفحص كانت ، بالفعل ، سائلاً منويّاً .. و الفحص المهبلي لها أثبت وجود سائل منوي مماثل لذلك الموجود على السرير . كما أنّ التحليل المعملي الذي أجريناه البارحة مباشرة ، فور اكتشافنا للمريضة في حالة إغماء و هي نصف عارية و ملقيّة من على سريرها على الأرض ، أثبت وجود نسبة كبيرة من عقار البنزو ديازبين المخدر في بولها .. الأطباء في قسم التخدير أقسموا بأنّهم لم يصرفوا هذا العقار لأطباء الوحدة مطلقاً ، و أنّ بروتوكولهم لا يسمح باستخدامه إلا تحت إشرافهم الخاص .
- دعاااااااء .. أخبريني من البداية ، من هي إيمان .. و لماذا تم تخديرها ، هل تتحدثين عن حالة اغتصاب لمريضة في القسم ؟
- يا مروان ، لقد قلتُ لك أن ضياء هو الذي فعلها ؟
- فعل ماذا ؟
- اغتصب المريضة " إيمان " البارحة . المسكينة جاءت مع زوجها لعمل الفحوصات الخاصة بالعقم ، بعد انتظارهما لثلاث سنوات و بلا نتيجة إيجابية فيما يخص الحمل و الانجاب . كانت منهكة عند وصولها ، كأنّها تخشى مجهولاً .. عيناها الغارِبتان و جسمها البض الناعم ، و أصابعها المرتعشة حدّثتني بالكثير عنها .. عن قلق آدمي آخر يقف أمام تحدٍّ لاثبات حقّه اليسير بالوجود.. لم تكن تعلم أنّها ستخرج بشهادة أخرى غير تلك التي جاءت من أجلها .
- يا اَلله !
- قالت لي إحدى المريضات أن ضياء دخل عليها الساعة الثالثة فجراً ، و أخبرها أن عليها أن تأخذ حقنة وريدية ، فرفضت المريضة بصوتٍ مرتفع . قالت لي ، و هي تكنس بنظرها الأرض التبي بيني و بينها : وضع ضياء أصبعه على فمي و قال بصوت خائف : اخفضي صوتك ، سأعطيك الحقنة صباحاً إن شاء الله ..
- أها
- في الصباح ارتجّت الوحدة تماما بكل شيء .. الألفاظ القذرة و التّهم المعبّاة و أصوات الممرضات اليابسة . كان واضحاً أن ضياء وجد فريسته السهلة في جسد إيمان ، ذات الأربع و العشرين ، و الخارجة منذ ساعات قليلة من عملية منظار فحص باطني .
- يا الله .. لا أصدّق ! كنتُ أدرِك أن ضياء رجلٌ غريب ، لكنّي ظننته يخفي فيلسوفاً وراء وجهه الأجش ..
- أي فيلسوف يا مروان . ضياء خاتمة الأحزان . لن تصدّق إذا قلتُ لك أن أحداً من الأساتذة الكبار لم يستنكر الأمر إلا من زاوية غباء صاحب الفعلة ، وحسب . لقد بدا لهم ساذجاً في تصرّفه و ليس مجرماً .
- حتى الدكتور عمرو ؟
- حتى عمرو .. حتى عمرو
- و الآن ..
- الآن ؟ انتهت القضية .. و اختفت الأدلة كلّها . سيجيء ضياءُ بعد ساعات قليلة ليمارس جبروته عليّ كالمعتاد .. رباااااااه ، ما هذا الوسخ !
صوت ممرضة يخنقُ الممر : يا دكتورة دعاء ، الدكتور ضياء يريدك على التلفون ..
ركضت في الممر المتجهّم .. حجابها الأبيض و زيّها الجراحي الأخضر يغرقان خوف هذه الطبيبة الممزّقة بوجع لانهائي .. سقطت منها تذكرة إحدى المريضات ، فلم تكترث دعاء لأمرها ، أو حتى أعارتها التفاتة محضة ..
سحبتُ قدمي بهدوء خلفي ، و أنا أحاولُ أن أجد تعريفاً آخر لهذه الانسانية التي تغربُ عن عيني كل يومٍ أكثر فأكثر . انحيتُ على الأرض ، فسقطت السماعة من على نقي . كانت التذكرة المرضيّة صفراء اللون .. و عليها بخط ركيك أزرق :
- رقم التذكرة : 7051
- اسم المريضة : إيمان ..........
يا اَلـلـــــه ...
مروان الغفوري
هذا ما حدث البارحة بالفعل ... 19 / 6 /2005 م
قالت لي شيماء - طبيبة الامتياز في مستشفى عين شمس التعليمي : رأيت البارحة ظهراً ( 19 / 6/ 2005 ) نائب مدير مستشفى النساء و هو يخرج مندفعاً بجسمه كلّه من مبنى الطب الشرعي . بدا أغبرَ كما لو أنّه قد تلقّى للتو نبأ اختصار عمره لضرورةٍ ما .. كان يمشي على قدمِيه ، تصوّر يا مروان .. لم أرَ شيئاً أغرب من صوت الدكتور مراد ، و هو يحاول أن يحاذيه في السير : علينا أن نتخلّص من ضياء بأقل خسائر ممكنة للمستشفى ، إذا شئتم !
صمتت شيماء قليلاً ، ربّما كانت تنتظر تعليقاً ما منّي ، ثم استطردت : في الصباح أيضاً ، و قبل أن أرى الرجلين يغادران مبنى الطب الشرعي بست ساعات تسرّبت بهدوء إلى عنبر الوحدة الخامسة في مستشفى النساء ، أعني " مسرح الجريمة ، كما تعلم " فسمعتُ صوت الدكتور حاتم يزلزلُ غرفة الحكيمات : هل أصبح من واجبنا أيضاً أن نزيل الخراء الذي يتركه النوّاب في المستشفى بأفعالهم المشينة !
.. تفاعلتُ مع رواية شيماء بمللٍ ، فقد سمعتُ تفاصيل قاسيةً منذ الصباح و لم يعد هذا الوصف الدرامي يثير انتباهي . قلتُ لها - عندما سألتني بفضولها النسوي : هل أدخلها الدكتور ضياء إلى غرفة الفحص و شرع في اغتصابها بعد أن أعطاها المخدّر ، أم أعطاها المخدّر في غرفة المرضى ثم سحبها إلى غرفة الفحص الخاصة و هي فاقدة الوعي ؟ - :
" يا شيماء ، الأمر غير مسلٍّ البتّة ، و التصوير السينمائي غير وارد أخلاقيّاً في الوقت الراهن .. أمامنا مريضة انتهك حياؤها و شرفُها حيثُ ينبغي أن تكون آمنة ، و إدارة تتستر على الجريمة " ..
في الواقع لستُ متأكّداً ما إذا كان اسم الطبيبة " شيماء " أم لا ، فكل ما في أمر اسمها أنّي سمعتُ زميلي يخاطبها به .. كانت جاءت لتأخذ منه بعض المعلومات المثيرة ، فوجدتْ عندي ، ربّما ، ما يشبع نهمها للنميمة و ممارسة طقس الأنثى العاثر !
كما لا أدري ، حقّاً ، ما إذا كانت تخاطبني باسمي أم هكذا خيّل لي ..
كنتُ آكداً تماماً أن هذا اليوم غير اعتيادي ، و غير نظيف .. ليس لأنّه خليفةٌ غير شريف للتاسع عشر من يونيو - الذكرى الأولى لمهاجمة قواتنا المسلحة في اليمن لجموع من المواطنين ما زالوا منذئذٍ تحت وطأة النار و الحديد ، بحجّة واهية - بل لأنّي ، شخصيّاً ، لم أكُن أتوقّع أن أباشر وجوه الخلق بوجهٍ مفحّم تماماً ، بفعل الغربة و مذكرات الموتى التي تملأُ أصابعي ..
في تمام الساعة التاسعة صباحاً ، استشرفت حديقة الكلية من بلكونة المستشفى حيثُ أعمل بشكل يوميٍّ قارِس . كان صوت طبيبة الوحدة الخامسة " دعاء " - و هي تتحدثُ عبر تلفونها الجوّال - مسموعاً على نحوٍ مقصود . التفاتتها المتكررة إلى مكاني أوعزت لي بأشياء كثيرة ، ربما كانت تريدني أن ألتقط بعض الحقائق من كلامها عبر التلفون .. لا ، أكثر من ذلك ، لقد بدت كما لو أنّها كانت توجّه حديثها لي بشكل حصري ، و أنه ليس ثمّة أحد على الطرف الآخر في التلفون ..
غريب !
كنتُ أسمعها تقول : لا .. لم يكن ممكناً أن استدعي البوليس . العنبر شحِن فجأة بالزوّار المسؤولين . كنتُ مرتبكة ، لم يكن بإمكاني أن أتّهم " ضياء " أو حتّى أن أشك في لحظةٍ ما أنّ بإمكانه أن يفعل شيئاً مشيناً كهذا ، أبداً ..
بعد دقائق كانت تقترب مني ، و هي تائهة المعالم بشكل واضحٍ جدّاً .
- أرأيت يا مروان .. خطيبي يخيّرني " إمّا أنا ، أو البقاء في مستشفى النساء " .. قالتها بحركة تمثيلية صرفة ، لكنها كانت حركة دامعة .. غزيرة الوجع ، يالله ..,
- ما الأمر ؟
- ألم تعرِف ؟
- لا قطعاً ..
- أنت تمزحُ ؟
- و الله لا أعرِف شيئاً ، لكني رأيت الكثيرين منذ وصولي - منذ نصف ساعة تقريباً - منهمكين في أحاديث ثنائية لافتة ، كما لو كنّا على وشك الدخول في مسابقة شطرنج !
- هل يُعقل أن تكون آخر من يعرف ، و أنت الطبيب الصحفي ؟
- لستُ صحفيّاً ، صدّقيني .. المهم الآن ، حدّثيني بربّك ، ماذا هناك ؟
- العيّنة التي وجدت على سرير المريضة " إيمان " في غرفة الفحص كانت ، بالفعل ، سائلاً منويّاً .. و الفحص المهبلي لها أثبت وجود سائل منوي مماثل لذلك الموجود على السرير . كما أنّ التحليل المعملي الذي أجريناه البارحة مباشرة ، فور اكتشافنا للمريضة في حالة إغماء و هي نصف عارية و ملقيّة من على سريرها على الأرض ، أثبت وجود نسبة كبيرة من عقار البنزو ديازبين المخدر في بولها .. الأطباء في قسم التخدير أقسموا بأنّهم لم يصرفوا هذا العقار لأطباء الوحدة مطلقاً ، و أنّ بروتوكولهم لا يسمح باستخدامه إلا تحت إشرافهم الخاص .
- دعاااااااء .. أخبريني من البداية ، من هي إيمان .. و لماذا تم تخديرها ، هل تتحدثين عن حالة اغتصاب لمريضة في القسم ؟
- يا مروان ، لقد قلتُ لك أن ضياء هو الذي فعلها ؟
- فعل ماذا ؟
- اغتصب المريضة " إيمان " البارحة . المسكينة جاءت مع زوجها لعمل الفحوصات الخاصة بالعقم ، بعد انتظارهما لثلاث سنوات و بلا نتيجة إيجابية فيما يخص الحمل و الانجاب . كانت منهكة عند وصولها ، كأنّها تخشى مجهولاً .. عيناها الغارِبتان و جسمها البض الناعم ، و أصابعها المرتعشة حدّثتني بالكثير عنها .. عن قلق آدمي آخر يقف أمام تحدٍّ لاثبات حقّه اليسير بالوجود.. لم تكن تعلم أنّها ستخرج بشهادة أخرى غير تلك التي جاءت من أجلها .
- يا اَلله !
- قالت لي إحدى المريضات أن ضياء دخل عليها الساعة الثالثة فجراً ، و أخبرها أن عليها أن تأخذ حقنة وريدية ، فرفضت المريضة بصوتٍ مرتفع . قالت لي ، و هي تكنس بنظرها الأرض التبي بيني و بينها : وضع ضياء أصبعه على فمي و قال بصوت خائف : اخفضي صوتك ، سأعطيك الحقنة صباحاً إن شاء الله ..
- أها
- في الصباح ارتجّت الوحدة تماما بكل شيء .. الألفاظ القذرة و التّهم المعبّاة و أصوات الممرضات اليابسة . كان واضحاً أن ضياء وجد فريسته السهلة في جسد إيمان ، ذات الأربع و العشرين ، و الخارجة منذ ساعات قليلة من عملية منظار فحص باطني .
- يا الله .. لا أصدّق ! كنتُ أدرِك أن ضياء رجلٌ غريب ، لكنّي ظننته يخفي فيلسوفاً وراء وجهه الأجش ..
- أي فيلسوف يا مروان . ضياء خاتمة الأحزان . لن تصدّق إذا قلتُ لك أن أحداً من الأساتذة الكبار لم يستنكر الأمر إلا من زاوية غباء صاحب الفعلة ، وحسب . لقد بدا لهم ساذجاً في تصرّفه و ليس مجرماً .
- حتى الدكتور عمرو ؟
- حتى عمرو .. حتى عمرو
- و الآن ..
- الآن ؟ انتهت القضية .. و اختفت الأدلة كلّها . سيجيء ضياءُ بعد ساعات قليلة ليمارس جبروته عليّ كالمعتاد .. رباااااااه ، ما هذا الوسخ !
صوت ممرضة يخنقُ الممر : يا دكتورة دعاء ، الدكتور ضياء يريدك على التلفون ..
ركضت في الممر المتجهّم .. حجابها الأبيض و زيّها الجراحي الأخضر يغرقان خوف هذه الطبيبة الممزّقة بوجع لانهائي .. سقطت منها تذكرة إحدى المريضات ، فلم تكترث دعاء لأمرها ، أو حتى أعارتها التفاتة محضة ..
سحبتُ قدمي بهدوء خلفي ، و أنا أحاولُ أن أجد تعريفاً آخر لهذه الانسانية التي تغربُ عن عيني كل يومٍ أكثر فأكثر . انحيتُ على الأرض ، فسقطت السماعة من على نقي . كانت التذكرة المرضيّة صفراء اللون .. و عليها بخط ركيك أزرق :
- رقم التذكرة : 7051
- اسم المريضة : إيمان ..........
يا اَلـلـــــه ...
مروان الغفوري